• 2 months ago
El-Vakiye Televizyonu

-İslam Nizamı Kitabının (42.) Halakası-
[Dini Hayatta Ayırma Akidesinin Ortaya Çıkışı]
Sunan: Üstad Ahmed El-Kasas
Hizb-ut Tahrir Üyesi / Lübnan Vilayeti
H. 25 Şevval 1439 El-Muvafık M. 09 Temmuz 2018
Transcript
00:00والأصل في نشوء هذا المبدأ
00:07أن القياصرة والملوك في أوروبا وروسيا
00:12كانوا يتخذون الدين وسيلة لاستغلال الشعوب وظلمها ومص دمائها
00:18وكانوا يتخذون رجال الدين مطية لذلك
00:23فنشأ عن هذا صراع رهيب
00:27قام أثناءه فلاسفة ومفكرون
00:30منهم من أنكر الدين مطلقا
00:33ومنهم من اعترف بالدين ولكنه نادى بفصله عن الحياة
00:40حتى استقر الرأي عند جمهرة الفلاسفة والمفكرين على فكرة واحدة
00:46هي فصل الدين عن الحياة
00:49ونتج عن ذلك طبيعيا فصل الدين عن الدولة
00:54واستقر الرأي على عدم البحث في الدين من ناحية انكاره أو الاعتراف به
01:01وعلى حصر البحث في أنه يجب أن يفصل الدين عن الحياة
01:07وتعتبر هذه الفكرة حلا وسطا بين رجال الدين الذين يريدون أن يكون كل شيء خاضعا لهم باسم الدين
01:17والفلاسفة والمفكرين الذين ينكرون الدين وسلطة رجال الدين
01:22فهي لم تنكر الدين ولم تجعل له دخلا في الحياة
01:27وإنما فصلته عن الحياة
01:30فكانت العقيدة التي اعتنقها الغرب قاطبة هي هذا الفصل الدين عن الحياة
01:37وكانت هذه العقيدة هي القاعدة الفكرية التي تبنى عليها جميع الأفكار
01:44ويتعين على أساسها لاتجاه الفكري وللإنسان وجهة نظره في الحياة
01:51وعلى أساسها تعالج جميع مشاكل الحياة وهي القيادة الفكرية التي يحملها الغرب ويدعو العالم إليها
02:01السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
02:04أهلا وسهلا بكم إخوة الكرام في حلقة جديدة من برنامجكم حلقة على الهواء
02:12ما زلنا في سلسلة من الحلقات في إطار ما سميناه القيادة الفكرية في الإسلام
02:20في حلقات سابقة تكلمنا في مسألة النهضة
02:24وعرفنا النهضة بأنها إنما تكون مبنية على فكر مبدئي
02:31أي على فكر كلي عن الكون والإنسان والحياة ينبثق منه نظام للإنسان في الحياة ومجتمعه ودولته
02:43الآن الأوان لنتكلم على المبدأ الذي يسيطر على العالم اليوم
02:49والذي نتجت عنه النهضة التي عرفتها البلاد الغربية نهضة الحضارة الغربية المعاصرة
02:59نعني بهذا المبدأ ما يسمى بالمبدأ الرأسمالي يسميه البعض بالمبدأ الليبرالي
03:05وتروج التسمية الآن بالعلمانية والمقصود بذلك كله عقيدة فصل الدين عن الحياة
03:13عقيدة فصل الدين عن الحياة هذه التي قامت عليها الحضارة الغربية المعاصرة
03:21وقامت عليها الأنظمة في دول الغرب وعمل الغرب على توريدها إلينا
03:27بل أجبرنا على العيش في النظام المنبثق عن هذه العقيدة
03:32ويجبرنا يوماً بعد يوم على الخضوع لهذه العقيدة
03:36واستبدالها بالعقيدة الإسلامية لتكون الأساس الذي تبنى عليه الحياة في بلاد المسلمين
03:44على الرغم من تعارضها عن أو مع العقيدة الإسلامية من حيث الجذور ومن حيث التفاصيل
03:53حرب فكرية تخوضها الأمة الإسلامية وهي اليوم مستعرة
03:59البعض انتصر داخل فكره وعقله وثقافته على هذه العقيدة فتبرأ منها
04:08والبعض انهزم أمامها فقال قبلت بالعلمانية قبلت بالعقيدة العلمانية
04:16قبلت بعقيدة فصل الدين عن الحياة والدولة والمجتمع
04:22ولكنني سأعمل على تعديل تعريفها قليلاً كي تكون مقبولة من المسلمين في العالم الإسلامي
04:30ولكي نحاول أن تتعايش هذه العقيدة مع الإسلام
04:35طبعاً هؤلاء مهزمون خابوا وخسروا
04:40والمشكلة أنهم يريدون أن يتبوؤوا مراكز الريادة في الأمة الإسلامية
04:45ويزعمون أنهم يقودون نهضة في الأمة من جديد من أجل أن تزدهر وترتقي
04:54لذا من المهم جداً الآن أن نفند هذه العقيدة
04:59بداية في هذه الحلقة نتكلم على نشوء هذه العقيدة
05:03عقيدة فصل الدين عن الحياة وما نتج عنها من نظام للحياة والمجتمع والدولة من حضارة وطريقة عيش
05:14تعمل على غزو بلادنا، غزت بلادنا منذ حوالي قرن من الزمان
05:20فتأثر المسلمون بها وعاشوا في ظل أنظمة بثقت منها
05:24فهل صحيح أن هذه العقيدة هي عقيدة إنسانية تصلح للإنسان من حيث هو إنسان
05:30ويمكن أن تنهض بشتائر الأمم كما نهضت بالمجتمعات الغربية
05:36أوروبا وما يتبعها من مجتمعات
05:40موضوعنا اليوم نشوء عقيدة فصل الدين عن الحياة
05:46لقد كانت العصور الوسطى التي امتدت زهاء ألف سنة بين القرنين الخامس والخامس عشر الميلاديين في أوروبا عصور تديّن وروحانية
05:58وكان الأوروبي المتديّن يرى أنه إذا كان ثمّ تتعارض بين التديّن والنهضة
06:04وبعبارة أخرى بين الروح والمادة فإنه يفضل التديّن المترافق مع الانحطاط على النهضة المترافقة مع الإلحاد والضلال أو الكفر
06:17يصف صاحب قصة الحضارة المؤرخ الشهير ويل أديورانت هذه النزعة لدى المتديّنين في العصور الوسطى فيقول
06:28قد وجّه كثير من المسيحيين همّهم كلّه إلى العمل على أن يستقبلوا يوم الحساب الرهيب طاهرين من الدنس
06:38فكانوا لذلك يرون كلّ لذّة من ملذّات الحواس غواية من غوايات الشيطان
06:46ولهذا أخذوا يندّدون بعالم الجسم ويعملون لكبت الشهوات بالصوم وبكثير من أنواع التعذيب البدني
06:56وكانوا ينظرون بعين الريبة إلى الموسيقى والخبز الأبيض والخمور الأجنبية والحمامات الدافئة وحلق اللحية
07:05ويرون في هذه الأعمال استهانة بإرادة الله الجليّة الواضحة للعيان
07:12هذا كلام ويل ديورانت
07:15كما أنّ العقل الذي يميّز الإنسان عن سائر المخلوقات
07:20العقل الذي يؤهّل الإنسان للتعرف على حقائق الكون والإنسان والحياة
07:26لقِي الإزدراء والاحتقار من رجال الكهنوت رجال الدين
07:32إلى حدّ تصويره أي تصوير العقل عدوًّا للدين والإيمان
07:37فكان العامة من الأوروبيين كما يقول ديورانت أيضًا
07:41يشعرون بأنّ من الحزم أن يؤمنوا بالأجوبة التي ينطق بها رجال الدين
07:47وأن يؤكّدوها توكيدًا يزيل مخاوفهم
07:52ولو أنّ الكنيسة قد اعترفت بأنّها تخطئ تارةً وتصيب تارةً أخرى
07:57لفقدوا ثقتهم فيها
07:59ولعلّهم كانوا يرتبون في المعرفة ويرون أنّها الثمرة المرّة للشجرة المحرّمة
08:08تحريمًا ينطق بالحكمة
08:10أو السراب الذي يضلّ الناس ويغويهم
08:13ليخرجوا من جنّة السذاجة والحياة الخالية من الشك
08:18وهكذا استسلم العقل في العصور الوسطى للإيمان في أغلب الأوقات والحالات
08:25وجعل كل اعتماده على الله وعلى الكنيسة
08:29كما يثق رجل هذه الأيام بالعلم والدولة
08:33كان هذا أيضًا كلام ويل ديورانت
08:38وها هو مارتن لوثر رائد الإصلاح الديني
08:43الذي أسّس ما يسمى اليوم بالمذهب البروتستانتي
08:47وهو مذهب واسع لانتشار
08:49ولسيما في بريطانيا ودول أوروبية أخرى وفي الولايات المتحدة الأمريكية
08:55والذي بذل جهده لإعادة روح العصور الوسطى
09:00بعدما شعر بتأثير العقل يتسرب إلى المجتمعات الأوروبية
09:05يشنه هجومه العنيف على العقل ويدعو الناس إلى رجمه ودوسه بالأقدام
09:11هذا مارتن لوثر مؤسس المذهب البروتستانتي
09:16فيقول أنت لا تستطيع أن تقبل كل من الإنجيل والعقل
09:22فأحدهما يجب أن يفسح الطريقة للآخر
09:27ويتابع إن كل آيات عقيدتنا المسيحية
09:31التي كشف لنا الله عنها في كلمته أمام العقل مستحيلة تماما
09:37ومنافية للمعقول وزائفة
09:41إن العقل كما يقول مارتن لوثر
09:45إن العقل هو أكبر عدو للإيمان
09:48إنه أفجر صناع الشيطان كبغي فتك بيها الجرب والجذام
09:54ويجب أن توطأ بالأقدام ويقضى عليها هي وحكمتها
09:58فاقذفها بالروث في وجهها
10:01هذا كلام مارتن لوثر مؤسس المذهب البروتستانتي
10:07في وصفه للعقل ومعارضته للإيمان
10:14وفق النظام الإقطاعي في أوروبا الذي كان الأوروبيون يخضعون له
10:18قانعين بتأثير فكرة التفويد الإلهي الممنوح للملك
10:23وكما عبر أديورنت أيضا
10:26كان الملك من الوجهة الزمنية تابعا لله
10:30يحكم بما له من حق إلهي
10:33بمعنى أن الله أجاز له أن يحكم ومن ثم فوضه في أن يحكم
10:40وفي التاريخ الحديث الذي يبدأ
10:43ولا نعني بالتاريخ الحديث الزمن المعاصر
10:47التاريخ الحديث الذي يبدأ حسب اصطلاح الغربيين في القرن الخامس عشر
10:52بدأ ينشب الصراع بين الكنيسة الكاثوليكية التي تسيطر على المجتمع
10:58وتطبعه بطابعها
11:00وبين الإصلاحيين والثوريين
11:02الذين وقفوا في وجه تلك السيطرة
11:06فكانت طلائع المعارضة متمثلة بادئ الأمر
11:10من داخل الكنيسة الغربية في حركة البرستنتيين الإصلاحيين
11:15كما ذكرناهم
11:16الذين طالبوا برفع النفوذ البابوي عن ممالك أوروبا الحديثة وإماراتها
11:23وعلى الرغم من أن تلك الحركة اتسمت بالتزمت البالغ
11:28الذي فاق ما لدى كنيسة روما من التعصب والاستهتار بالعقل والمعرفة
11:34إلا أن تلك الحركة كسرت ذلك الطوق
11:38الذي كان يجعل من الكنيسة الكاثوليكية السلطان الأعلى
11:43على جميع ملوك أوروبا وأمرائها
11:46ولسيما أن هذه الحركة طالبت برفع النفوذ البابوي والكنسي عن تلك الممالك والإمارات
11:55فمن النقاط التي طرحها زوينغلي أحد زعماء الإصلاح البرستنتيين
12:02ودافع عنها بقوة كما نقل ديورانت وبتعبير ديورانت
12:07أنه لا أساس للسلطة الروحية التي يطلق عليها اسم الكنيسة في الكتب المقدسة
12:13وفي تعاليم المسيح
12:15إلا أن السلطة الزمنية تؤيدها تعاليم المسيح وسنته
12:21ورافق ذلك ظهور بعض الفلاسفة
12:24الذين تمردوا على مقولات الكهنوت وهيمنة الكنيسة
12:29سواء على شكل ملحدين جاحدين للدين
12:32أو على شكل علمانيين يطالبون بعزل الدين عن الحياة والمجتمع والدولة
12:40والحجر عليه داخل الكنيسة والبيت
12:45وطالبوا بإطلاق حرية الإنسان ليبدع فيها بعبقريته ومواهبه
12:50ولينجز الأعمال التي يعبروا بها عن نفسه وتطلعاته
12:55والتي هي سبب النهضة في أي مجتمع من المجتمعات كما يقولون
13:02فهو ميكا فيلي المفكر الإيطالي الشهير صاحب كتاب الأمير
13:07المتوفى سنة 1527
13:12كان يعتقد أن المسيحية في أحسن حالاتها تعلم فضائل مغلوطة
13:20فقد كانت تعلم حسب رأيه الخضوع والذل وإنكار الجسد
13:25وإعطاء الخد للآخر للطن
13:28ثم حصر أمل الإنسان بالفرح والسعادة فيما بعد الموت
13:34وكانت فكرة ميكا فيلي عن الفضيلة على نقيد كلي مع المناقب المسيحية
13:41فقد كان يستوحي نبلة الإنسان ومجد الحياة على الأرض
13:45وكان يعتقد أن هذا النبلة يعبر عنه ليس في إذلال النفس بل في الاعتزاز الفخور
13:54هذا تعبير من؟ ميكا فيلي
13:57رأي ميكا فيلي الذي بدأ بالتمرد على الكنيسة ويتابع
14:02ونظرا إلى أنه كان كالآخرين من معاصره يعتقد أن ائتلاف الدين والدنيا أمر مفروض
14:09فقد عقد الأمل على أن ينتصر في إيطاليا، إيطاليا القرن السادس عشر
14:15نمطه الجمهوري، نمط ميكا فيلي الجمهوري بعد التخلي عن المسيحية كديانة تجاوزها العصر
14:24فيزرع مكانها ديانة ومؤسسات دينية مرتكزة على روح روما القديمة الوثنية
14:31وعليه ديانة زمنية يكون غرضها الأساسي تعزيز مشاعر وفضائل وطنية
14:40هذا رأيه وتوجهه ميكا فيلي الذي كان من أوائل الذين تمردوا على الفكر الكنسي
14:47على وجهة نظر الكنسية التي كانت تهيمن على أوروبا في العصور الوسطى
14:55ويأتي القرن السابع عشر ليشهد بزوغ الاعتقاد لدى الفلاسفة والكتاب الأوروبيين
15:02بأن الحقيقة عن طبيعة الإنسان والكون يمكن أن تكتشف بالعقل أي بمعزنا عن الدين
15:09وفي الوقت نفسه أدى التفسير النقدي للكتب المقدسة
15:15والاهتمام بمقارنة الأديان إلى إضعاف هيبة العقيدة الدينية الرسمية
15:22وفي باب الدين انعكست روح العصر العلمية في إنكار المعجزات والوحي الإلهي
15:29ومن خصائص تذكير الكتاب المتنورين وهو الاسم الذي عرف به في تلك الحقبة
15:36وكانوا يلقبون بالفلاسفة أنهم وإن لم يكونوا عادة ملحدين أي منكرين لوجود الخالق
15:44كانوا مثلا يرون على أسس إنسانية صرف
15:48وأنه من غير المعقول أن يفرض المرء عقيدته الدينية على فرد آخر أو أمة أخرى
15:56وقد حولت أخبار الرحلات الاهتمام نحو العامل المشترك في جميع الأديان
16:02وهو الاعتقاد بالله كمصدر لكل وجود
16:05من هنا نشأت فكرة الوثني النبيل وفكرة الإيمان الطبيعي بالله
16:12التي كان الطنطوي على القول بأن الله ما إن خلق الدنيا حتى تركها تجري وشأنها
16:19أو على غرار الساعة كما قال أليكسندر بوب في مقالته في الإنسان سنة 1733
16:30وفي القرن الثامن عشر يتتابع الفلاسفة المتنورون
16:34ليؤكدوا فكرة فصل الدين عن الحياة والمجتمع والدولة
16:39وهو مونتس كيو الشهير المتوفى سنة 1755
16:46وعلى الرغم من أنه لم يكن ملحدا ينتقد الكنيسة ورجال الدين بشدة
16:52وكذا فولتير الشهير المتوفى سنة 1778
16:59والذي نقد في مؤلفاته التاريخية النظرة الإنجيلية والمسيحية عن تطور المجتمع
17:06ورسم خطوطا عريضة لتاريخ الإنسانية
17:09ففلسفة التاريخ تقوم عنده على أساس فكرة التطور التقدمي للمجتمع في استقلال عن إرادة الله
17:18وقد ناضل ضد الكهنوتية وما سماه بالشطحات الخيالية الدينية
17:24وكانت المسيحية والكنيسة الكاثوليكية الهدف الرئيس لتهكمه
17:30حيث اعتبرها العدو الرئيس للتقدم
17:34وها هو أشهر فلسفة التنوير كما يسمونهم جون جاكروسو
17:40الذي عد كتابه العقد الاجتماعي عمدة الثورة الفرنسية الكبرى
17:46والذي أصبح إنجيل الشعب الفرنسي عقب الثورة
17:50يدعو إلى الإيمان بالله وإنكار الوحي وبالتالي إلى فصل الدين عن الحياة
17:57ويرى أن واضعي الشرائع ومن بعدهم الحكام والملوك
18:02لم ينسب القوانين والشرائع إلى الله إلا من أجل أن يعطوها صفة الإلزام
18:09وإنزال الرهبة في قلوب الشعب من مخالفتها
18:13فيقول في كتابه الشهير العقد الاجتماعي
18:17بما أن المشرع لا يستطيع استخدامه لا القوة ولا المحاجة
18:22فعليه أن يلجأ إلى سلطة من نوع آخر يمكنها أن تقود دون عنف
18:27وأن تقنع دون إفحام
18:30هذا ما أجبر كما يقول جون جاكروسو
18:32هذا ما أجبر أباء الأمم في جميع الأزمنة على الاستعانة بددخل السماء
18:38وأن ينسبوا إلى الآلهة فخار حكمتهم الخاصة لكي تضيع الشعوب
18:44هذا العقل السامي يتابع جون جاكروسو
18:47هذا العقل السامي الذي يرتفع فوق إدراك الناس العاديين
18:50هو العقل الذي يضع به المشرع الأحكام على أفواه الخالدين
18:56ليقود بالسلطة الإلهية أولئك الذين لا يمكن أن تزحزحهم الحكمة البشرية
19:03ولكن يستدرك روسو
19:06لا يحق لكل إنسان أن يجعل الآلهة تتكلم
19:09ولا أن يكون مصدقا عندما ينبئ الناس أنه ترجمانها
19:14وفي هذا طبعا تلميح إلى تكذيب الأنبياء
19:17الذين قالوا أنهم يتكلمون بوحي من الله تعالى
19:22وأخيرا جاءت الثورة الفرنسية الكبرى سنة 1789
19:29وأقصت الكنيسة نهائيا عن المجتمع والدولة والسياسة
19:33يقول ويل ديرانت
19:36لقد كانت معظم الثورات السابقة إما ثورات على الدولة وإما على الكنيسة
19:43ونذر أن نشبت ضدهما معا في وقت واحد
19:47أما الثورة الفرنسية فإنها هاجمت الملكية والكنيسة جميعا
19:53واطلعت بمهمة ومخاطرة مزدوجة
19:57وهي مهمة الإطاحة بالركيزتين الدينية والدنيوية للنظام الاجتماعي القائم
20:05وهكذا يرى المعاصرون من المفكرين والمؤرخين الغربيين في تلك الأوضاع
20:11دليلا حيا على صحة عقيدة فصل الدين عن الحياة
20:16حيث تناسب مقدار الركي المتعاظم شيئا فشيئا في أوروبا
20:22مع مقدار انحسار نفوذ الكنيسة عن المجتمع
20:26وبالتالي انحسار الدين والتدين عن الحياة العامة
20:30ثم وجدوا في الثورة الفرنسية التي افتتحت تاريخهم المعاصر
20:35البرهان أكبر على نظريتهم حيث أقصيت الكنيسة عن واقع المجتمع
20:41وقضي على نظرية التفويد الإلهي وأطلقت الحريات العامة في المجتمع
20:47فاستكملت حركة النهضة الأوروبية مسيرتها
20:50وبدأت تأتي أكلها وتثمر ثمارها التي يفتخر بها الغربيون إلى اليوم
20:58إخوة الكرام إن هذا السياق التاريخي الحضاري
21:02هو الذي كان وراء ظهور العقيدة العقلية التي اعتنقها الغرب منذ بداية التاريخ المعاصر
21:09وجعلها قاعدة لأفكاره وقيادة فكرية لمجتمعه
21:14ألا وهي عقيدة فصل الدين عن الحياة
21:18فيا إخوتي المشاهدين والمستمعين
21:22هل ترون للأمة الإسلامية بل لسائر الأمم غير الغربية
21:27أي تصيلة بهذا السياق التاريخي والحضاري الذي ولدت فيه عقيدة العلمانية
21:33عقيدة فصل الدين عن الحياة
21:35وحتى يزعم الزاعمون أنها القاعدة الفكرية الأصلح لتؤسس عليها المجتمعات والدول
21:42بل الكارثة العظمى في الآونة الأخيرة
21:46أن ينبري بعض من يصنفون بالإسلاميين عندنا في بلادنا
21:51ليحدثون عن علمانية حياذية تتعايش مع الإسلام
21:56على الرغم من إدراك أدنى المثقفين
21:59أقل المثقفين لكون أقل أشكال العلمانية تطرفا
22:05في تلك التي تقوم على فصل الدين عن السياسة
22:09وهذا بحد ذاته كفر صراح من وجهة نظر الإسلام
22:13حسبنا الله ونعم الوكيل
22:16أهلاً وسهلاً بكم مجدداً لنجيب على أسئلة قليلة وردت خلال هذه الحلقة
22:25الأخ نذير بن صالح يسأل
22:29هل تتوقع ادمحلالاً لهذه العقيدة
22:31عقيدة فصل الدين عن الحياة في العالم مستقبلاً وكيف ذلك؟
22:37أخي الكريم لا أتوقع ادمحلالاً في المستقبل
22:41ولكنني أقرأ ادمحلالاً في الحاضر
22:44بل في سنوات مضت قبل يومنا هذا
22:50عقيدة فصل الدين عن الحياة عقيدة غير قابلة للعيش طويلة
22:55لماذا؟
22:56لأنها بدرجة الأولى تتعارض مع فطرة الإنسان
23:02كيف تتعارض مع فطرة الإنسان؟
23:04قد يقول قائل عقيدة فصل الدين عن الحياة لا تنكر الدين
23:08وما لم تنكر الدين فهي لم تصادم الفطرة
23:12نعم هي أقل مصادمة للفطرة من عقيدة لا إله والحياة مادة
23:17العقيدة الشيوعية الماركسية
23:19ولكن هذا لا يعني أنها تتوافق مع الفطرة
23:23فهي تتناقض مع الفطرة
23:26من جهة أن الفطرة لا تتطلب فقط الإقرار بوجود الخالق سبحانه وتعالى
23:32وإنما هي شعور بالحاجة الملحة إلى الخالق المدبر
23:40فهذه الحاجة ما قيمتها
23:42إن قلنا لها إن الله سبحانه وتعالى موجود
23:45ولكنك مقطوعة الصدة به
23:48فطرة التدين هي تلك الناشئة عن الشعور بالعجز والاحتياج الطبيعيين في الإنسان
23:56عجز الإنسان واحتياجه يجعله بحاجة إلى هداية الله سبحانه وتعالى
24:02وإلى تدبير أمره له في هذه الحياة
24:06فبالتالي غريزة التدين في الإنسان هي شعور بالحاجة إلى الخالق المدبر
24:12فحين وحين قال العلمانيون إن الخالق لا علاقة له بتنظيم حياة الإنسان
24:19ولا مجتمعه ولا علاقته ولا دولته
24:23نفوا صفة التدبير عن الخالق سبحانه وتعالى
24:25فكان ذلك متعارضاً مع الفطرة في الإنسان مع غريزة التدين
24:31وبالتالي صار الإنسان الغربي الذي اعتنق عقيدة فصل الدين عن الحياة
24:38صار لطيماً في هذه الحياة
24:40لا يجد من يلجأ إليه ليسد العجزة والاحتياجة الطبيعيين فيه
24:47لا يجد من يهديه في هذه الحياة
24:50وبالتالي هذه الغريزة التي لا بد من إشباعها
24:54تحول النصراني عن إشباعها بعبادة الخالق
24:59إلى إشباعها بالتقديس المادة
25:02حيث وجد أن المادة هي أساس كل شيء
25:05وإن لم ينكر بالضرورة وجود الخالق
25:08عاش حياة مادية وعاش من أجل إشباع شهواته الحسية
25:13وآمن بأن العلم ما توهم أنه علم
25:18هو الطريق إلى اكتشاف الحياة وطريقة العيش فيها والغاية منها
25:22وأن العلم هو الذي يجيبه على كل أسئلته في الحياة
25:26وبالتالي وجدنا النصراني الذي كان في العصور الوسطى
25:31ومزال بعض المتدينين منهم حتى الآن
25:33يذهب إلى الكاهن في الكنيسة من أجل أن يعترف له
25:37تحول عن هذا الاعتراف إلى الكاهن في الكنيسة
25:40تقربا منه وتزلفا منه إلى الله
25:44حيث يمر عبر الكاهن في تلك الديانة للوصول إلى الله تعالى
25:49تحول عن الكاهن والكنيسة إلى طبيب نفسي
25:54فراح إلى العيادات النفسية
25:59يجلس أمام الطبيب النفسي
26:01ويعترف أمامه ساعات وساعات
26:05وكأنه بدل أن يعترف للكاهن صار يعترف للطبيب النفسي
26:10ومعظم مهمة الطبيب النفسي تنجز بعد أن يقوم المريض النفسي
26:16بأن يتحدث أمامه عن كل حياته
26:19فكأنه يعترف له كما كان يعترف للكاهن
26:24وبالتالي تحولت غريزة التدين عن العبادات
26:30وفق ما كانت تفرضه الكنيسة
26:32إلى عبادة ما يحسب أنه علم وأنه قانون وإلى آخرين
26:37وبالطبيعة طبيعة الحال
26:39هذا لا يشبع غريزة التدين ولا يشبع فطرة الإنسان
26:43التي خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان عليها فطره
26:47عليها ولا تبديل لخلق الله عز وجل
26:50وبالتالي حين فصلت حياته الإنسان عن خالقه سبحانه وتعالى
26:57باتت القيمة الوحيدة المعتبرة في المجتمع الغربي القيمة المادية
27:04أما القيمة الروحية فلم يعد لها وجود
27:07ذوت ذابت إلى حد كبير وباتت ظاهرة فردية
27:12وكذلك استتبع ذلك سقوط القيمة الإنسانية وسقوط القيمة الخلقية
27:19وباتت القيمة المادية هي التي مسيطرة على المجتمع الغربي بطبيعة الحال
27:26هذا كله أنشأ أنتج أزمات
27:32هذا الفراغ الروحي هذه الهاجة التي يحتاج الإنسان إلى إشباعها
27:38وإذا لم يشبعها أوجدت عنده القلق والاضطراب نجد أن تنتائجها في الغرب
27:46الأزمات التي نتجت عن النزعة الفردية في المجتمع الغربي
27:51بعد أن سقطت قيمة العائلة وسقطت قيمة الروحية والإنسانية والقلقية
27:59صارت العائلة حالة نادرة وتفاقمت بالتالي الأزمات النفسية
28:08الغرب الذي يزعم أن لديه من العلاج ما لديه ومن الاستطباب في المجال النفسي
28:14وهو الذي افتتح في كل شارع عيادة نفسية
28:18كلما زادت العيادات النفسية كلما تفاقمت مشكلات النفسية في الغرب
28:22وأكبر دليلا على ذلك أن أعلى نسبة الانتحار في العالم
28:27هي في البلاد الغربية التي تعتنق عقيدة فصل الدين عن الحياة
28:32بل في أكثرها رخاءاً وازدهاراً مادياً كدول اسكندنافيا وبعض الدول الأوروبية
28:38لماذا؟ لأن هناك أزمة نفسية حقيقية لدى الإنسان الغربي
28:44بعد عن ذلك بدأ العالم الغربي بدأ المثقفون والواعون في العالم الغربي
28:49يدركون وحشية النظام الرئسمالي الذي انبثق من عقيدة فصل الدين عن الحياة
28:56هذا النظام الذي ولد مشكلات وأزمات داخل المجتمع الغربي
29:01حيث تتركز الثروات بيد فئة قليلة لا تتوجاوز الواحد أو الاثنين أو الثلاثة في المئة من المجتمع
29:09ويعيش الباقي على فتاة هؤلاء
29:11وولدت أزمات في العالم حيث تشعل الحروب والأزمات من أجل أن تسرق الأموال والثروات والأيد العاملة والأسواق
29:23وتكون خادماً لحفنة من حتان المال في الغرب هذه الحضارة
29:30هي الحضارة التي بنيت على عقيدة فصل الدين عن الحياة
29:36حضارة الغربية الرئسمالية المعاصرة
29:38ولكن هل نقول أن هذه الحضارة هي مشكة على الانهيار الآن دون أن تجد من يدفعها الدفعة الأخيرة إلى الهلاك وإلى الهاوية
29:50حين لا يكون ثم تبديل حضاري أمام المجتمعات الغربية فليس من السهل أن تتخلى عن ما عندها
29:57وأقولها بكل ثقة أن المارد الذي يخاف منه أساطين وجهابيذة الحضارة الغربية
30:04وحتان المال وشياطين السياسة في الغرب
30:08إنما هي الحضارة الإسلامية التي تتأهب للنهوض من جديد
30:14والوقوف على قدميها من جديد من أجل أن تطيح بالحضارة الغربية المعاصرة
30:20بعد أن أطاحت تلك فيما مضى في العقود السابقة أطاحت بالمشروع الحضاري الشيوعي
30:27لذا يفذلون جهودهم بشكل كثيف جداً
30:32يواصلون ليلهم بنهارهم في كيد لمنع هذا المولود من الولادة الحضارة الإسلامية
30:40التي تتأهب لوراثة العالم الجديد
30:44فإذا ما قامت الحضارة الإسلامية متمثلة ومتجسدة في دولة إسلامية في العالم الإسلامي
30:51ووحدت العالم الإسلامية وجمعته فإنها من دون شك ستضع الخاتمة ستكون هي
31:00سبب الختام وطي صفحة الحضارة الغربية إلى زوال وإلى لا رجعة
31:08كما كان شأن الحضارات البشرية كلها
31:11ما عدا الإسلام من حيث هو حضارة وافقت فطرة الإنسان
31:15وآتت من أجل أن تكون طريقة عيش للإنسان من حيث هو إنسان في كل زمان وفي كل مكان
31:21الأخ العابد يسأل هل الصوفية بيئة خصبة لتطبيق فكرة فصل الدين عن الحياة
31:29إلى حد كبير التصوف هو من أهم البيئات التي يحبها الغرب في العالم الإسلامي
31:40إذا نظرنا إلى الخطط الأخيرة في دعم الحركات الصوفية في العالم الإسلامي
31:47فندرك أن الغرب يعرف مدى التوافق الحركات الصوفية والفكر الصوفي مع الحضارة الغربية
31:54لماذا؟ لأن التصوف بطبيعة الحال هو الذي يدعو إلى هجران الحياة الدنيا ومادتها وملاذها
32:03وإذا عدنا إلى التاريخ سنجد مشاهير التصوف هم أولئك الذين اعتزلوا الحياة
32:09وبالتالي اعتزلوا المجتمع وبالتالي اعتزلوا السياسة ومحاسبة الحكام
32:15والمشاركة في الحياة السياسية ورأوا أن التدين بأن يعتزل الإنسان البشر والمجتمعات
32:24وزخرف الحياة الدنيا وزحمتها وجلبتها والخصامات السياسية فيها
32:32من أجل أن تصفوا العلاقة بينهم وبين الله سبحانه وتعالى
32:36فهم يرون أن العبادة هي في صفاء النفس بعيدا عن كل البشر وبعيدا عن كل الحياة
32:43وبعيدا عن كل علاقات المجتمع والسياسة والدولة
32:47فهم يركزون فقط على الجوانب الروحانية
32:51وطبعا هذه التركيز ناتج عن فلسفتهم التي تسربت إلى عقول المسلمين
32:58والتي نسبوها إلى الإسلام والتي لا علاقة لها بالإسلام من قريب أو بعيد
33:03وقد سبق وتكلمنا عليها تلك الفلسفة التي تزعم أن الكون والإنسان والحياة
33:10هذا الوجود مكون من عنصرين اثنين هما المادة والروح
33:14وأن الراقية فيها هو الروح وأن المادة هي
33:17هي الانحطاط وهي الدنس وهي الارتكاس
33:22وبالتالي يسعون إلى التخلص من الجانب المادي
33:27والخلوص إلى الجانب الروحي
33:31فليرون أنه لا بد من قهر الجسد ولا بد من تدمير الجانب المادي في الحياة
33:36من أجل أن تخلص الروح من أسر الجسد والمادة وترتقيها إلى خالقها سبحانه وتعالى كما يزعمون
33:44هذه العقيدة نعم هي تلك هي أكثر توافقاً فيما بين الثقافات التي تنتشر بين المسلمين
33:54مع فكرة فصل الدين عن الحياة والمجتمع والدولة
33:58والتي غزان بها الغرب ولا زال يحاول فرضها علينا بالقوة
34:02الأخ إسماعيل يسأل أليس طواغيط العرب يطبقون فصل الدين عن الحياة
34:10وما تراهم يطبقون يا أخي إسماعيل إلا عقيدة فصل الدين عن الحياة
34:16عزلوا الدين عزلوا الشرع قالوا لا علاقة للدين بالسياسة ولا علاقة للسياسة بالدين
34:23وشنوا الحرب على الحركات الإسلامية وشنوا الحرب الثقافية والإعلامية والتربوية
34:29على فكرة الخلافة وعلى الإسلام السياسي وعلى العمل الاستئناف الحياة الإسلامية
34:35وزعموا أن الإسلام يكون منتصراً حين يفسح المجال للمسلمين في أن يمارسوا شعائرهم وعباداتهم
34:43وأن يتزوجوا ويطلقوا بحسب الشريعة الإسلامية
34:47وأن هذا كافٍ لاعتبار الإسلام محمياً وأنه منتصر
34:51أما شؤون الاقتصاد والسياسة والعقوبات ومشاكل ذلك فهذا ليس من شأن الدين
34:57وإنما هو شأن المشرعين من شأن المجالس التشريعية والهيئات التشريعية والدستاتير الوضعية إلى آخره
35:05حكام اليوم هم حراس ونواطير على تطبيق الأنظمة الوضعية التي وردها لنا الغرب منذ أن احتل بلادنا
35:15منذ حوالي مئة سنة من يومنا هذا
35:20إخوتي هذا ما ورد من أسئلة خلال هذه الحلقة أشكر لكم متابعتكم وإصغاءكم
35:27وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل مني ومنكم هذا اللقاء وهذا الجلوس وهذا المتابعة
35:34وأن يزيدنا علماً وعملاً وأن يجعل علمنا وعملنا خالصين للوجه الكريم
35:39وأصلي وأسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومولاه
35:46والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

Recommended