• last month
أ. أحمد القصص
Transcript
00:00السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
00:03بسم الله الرحمن الرحيم
00:06البورصة ومنصات التداول كازين قمار كوكبي
00:13أيها الإخوة
00:15لقد توسعت أسواق الأسهم والعملات والأوراق المالية والمعادن والسلع الأساسية
00:22التي يتداولها حملة الأسهم والمضاربون عبر البورصات بشكل هائل في العقود الأخيرة
00:31حيث بات عشرات الملايين يتداولون عبر البورصات وهم جالسون في بيوتهم
00:39أو في مكاتب عملهم أو في الحدائق العامة أو في أسرتهم قبل النوم
00:45بل حتى وهم يقضون حاجاتهم في الخلاء
00:49الأمر الذي جعل تأثير الخضات المالية أو الانهيارات
00:54يطال أعداداً هائلة من الأفراد بشكل مباشر
00:58فضلاً عن تأثير الشركات والمؤسسات الانتاجية واقتصادات الدول عموماً
01:05بحيث تخسر أعداد هائلة من البشر بين ليلة وضحاها
01:11مبالغ مالية ضخمة كانت تجمعتها على مر سنين
01:16وربما في صفقات سريعة
01:18وفي الوقت نفسه تقفز مبالغ هائلة من جيوب ملايين الناس
01:24إلى فئة صغيرة من حيتان المال
01:29وعند كل صدمة من صدمات أسواق البورصة
01:33يسارع المحللون الماليون إلى تحرر الأسباب المباشرة لهبوط أسعار البورصات
01:40كأن يقولوا في شأن الهبوط الأخير
01:44ما سبب هو الركود في الاقتصاد الأمريكي وتوقع المزيد من الركود فيه
01:50إضافة إلى الخشية من اندلاع مواجهة عسكرية إقليمية في منطقة الشرق الأوسط
01:57قد تتورط فيها قوى دولية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية
02:03ولكن قل ما يعمد المعنيون إلى إعادة النظر في الأنظمة والقوانين
02:10التي تحكم هذه الأنواع من العقود والمعاملات المالية
02:14بل لنقل التي ترخي لها العنان
02:18لتتحلل من أي قيد من القيود التي تنظم تداول ثروات الأرض والبشر بين الناس
02:26إن هذا النمط من تداول المال الذي يجري في أسواق الأوراق المالية والعملات والأسهم والمعادن الثمينة
02:35وبعض السلع الأساسية كالنفط
02:38إنما هو من إنتاج النظام الاقتصادي الرئاسمالي
02:42الذي يقوم على فكرة حرية التملك
02:45والذي يكاد يشرع كل أشكال العقود التي يتوافق عليها المتعاقدون على قاعدة الحرية الاقتصادية
02:54فلا يمنع الربا ولا القمار ولا الشركات المساهمة التي أبعد ما تكون عن شروط الشراكة الحقيقية
03:03ولا بيع الديون ولا التداول الوهمي والافتراضي للسلع التي قد لا يكون للمتداول منها وجود حقيقي في الواقع
03:14في البورصة تباع وتشترى أسهم شركات مساهمة وترتفع أسعارها وتنخفض
03:21لا وفق ما تملك هذه الشركات فعلا من موجودات
03:25وإنما لمجرد ارتفاع الثقة بها أو تراجع هذه الثقة
03:30ولأسباب قلما تكون مرتبطة فعلا بحجم رأس مال هذه الشركات أو أرباحها الفعلية
03:38وتلعب الدعاية التي كثيرا ما تكون مضللة
03:42وكذلك المضاربات وتلاعب المضاربين الكبار بحجم التداول
03:48وكذا التلاعب بأعصاب حملة الأسهم
03:51وكذا الأحداث والأخبار السياسية دورا أساسيا في صعود أسعار الأسهم وهبوطها
03:59على نحو منفصل كليا عن الأرباح والخسائر الحقيقية لهذه الشركات وموجوداتها الفعلية
04:07وهذا ما يدفع كثيرا من الناس إلى المغامرة في التداول في هذه الأسهم شراء واشتراء
04:15لا طلبا للأرباح السنوية التي تنتجها وإنما في شكل من أشكال المقامرة المضاربة كما يسمونها
04:24حيث يراهن المتداولون على الاشتراء بسعر ثم البيع بسعر أعلى
04:31ليكون الحاصل بين السعرين ربحا لهم مع احتمال أن يحصل العكس أي الخسارة في كثير من الأحيان
04:40وهذا ما جعل عمليات التداول هذه أشبه بكازينو قمار كوكبي
04:47تنتقل فيه الأموال من جيل إلى آخر على طاولة البوكر الكوكبية المسمى البورصة
04:56والمشكلة الأشد والأنكى على هذا أن هذا التداول لم يقتصر على أسهم الشركات المالية
05:04وإنما تعداها إلى أهم سلع البشرية وأخطرها وعلى رأسها الذهب والفضة
05:11والعملات التي أنشأها البشر لتكون ثمنا تقدر به السلع والخدمات
05:18وكذلك إلى السلع الخطيرة كالنفط مثلا حيث باتت هذه السلع مدار عقود بيع شكلية
05:27تجري عليها عقود وتتداول أثمانها بيعا وابتياعا دون أي تداول حقيقي لهذه السلع
05:35حيث يلاحق المتداولون الذين يسمونهم المضاربون أسعار هذه السلع في البورصات
05:44ليقوموا بعمليات بيع واشتراء متكررة بغاية ربح الفارق بين هذه العمليات
05:51دون أن يكون ثمة تسليم وتسلم مطلقا لهذه السلع التي هي محل مفترض لهذه العقود
06:00وهذا ما يؤدي إلى تضخم أسعار تلك السلع بشكل لا يتوافق مع قيمتها الحقيقية
06:07ثم في حالات تعرف بانفجار الفقاعات تنخفض أسعارها على نحو كبير مفاجئ
06:15فيتحول أناس فقراء إلى أثرياء وآخرون من أثرياء إلى مفلسين جراء عملية البيع والاشتراء الافتراضية هذه
06:27هذه المآسي المالية التي تشبه مآسي ألعاب القمار التقليدية
06:34ولكنها تختلف عنها في أنها تزلزل اقتصادات شعوب ودول
06:39بل تزلزل اقتصاد العالمية برمته
06:43تخرج الدورة الاقتصادية من حالها الطبيعية حيث يكون الاقتصاد تداولا إيجابيا للأموال والمنافع بين الناس
06:51وتكون فيه العملة سلعة مختلفة عن سائر السلع
06:55بتوافق البشر على منحها صفة الثمانية إلى كونها وسيلة لنقل كميات ضخمة من الثروات من جيوب إلى أخرى
07:06دون أي تداول فعلي للأعيان والمنافع
07:11أي إلى كزن قمار عالمي تحفه دائما مخاطر الإفلاس السريع بفئام من الناس وإثراء خيالي لقلة منهم
07:24ما كان يخطر في باله منذ أربعة عشر قرنا حين لم يكن العالم يعرف الشركات المساهمة
07:31ولا العملات الورقية الوثيقة المنفصلة قيمتها عن الذهب والفضة ولا العملات الرقمية
07:39وحين لم يكن ثمة بورصات ووسائل اتصال بسرعة البرق
07:44من كان يخطر في باله أن أحكاما شرعية شرعها الإسلام في قرآنه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
07:53ستكون هي الضمانة إذا اعتمدت وطبقت من هذه الكوارث التي ابتدعها النظام الرأسمالي المجرم
08:03عن أي أحكام من نتكلم؟ هل ثمت أحكام أخرى في هذا الشأن غير تحريم الربى؟ نعم بكل تأكيد
08:13فعلاوة على تحريم الربى الشهير الذي عرفته البشرية منذ قرون
08:18والذي يسميه الفقه الإسلامي ربى الفضل حرم الإسلام ربى النسيئة
08:25وهو تحريم تداول الذهب والفضة والعملات عموما دون اقتقابض حسي تام وفوري في مجلس واحد
08:34أي تسليم وتسلم تامين دون أي تأجيل ولو لجزء من المبيع
08:40قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيع الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل
08:48ولا تشف بعضها على بعض ولا تبيع الورق بالورق وهو الفضة إلا مثلا بمثل
08:56ولا تشف بعضها على بعض ولا تبيع منها غائبا بناجز رواه البخاري
09:03فإذا التزم الاقتصاد هذا الحكم اختفى تداول العملات أو ما يسمى في الاصلاح المعاصر
09:10بالمضاربة بالعملات عبر البورصة والإنترنت أو حتى عبر الهاتف
09:16وهذا التداول من أهم الأسباب المؤدية إلى التلاعب الخطير بأسعارها
09:23وكذلك سوف تختفي ما تسمى بعقود بيع الديون التي تنتقل فيها الديون من دائن إلى آخر بفارق ربوي
09:33وسيسأل سائل على الفور هذا في شأن العملات والذهب والفضة
09:39فماذا عن سائر السلع غير الربوية التي تتداول في البورصات
09:44ومنصات التداول كالنفط وغيره وهي ليست من السلع التي أوجب فيها الإسلام التقابض
09:52والجواب هو صحيح أن الإسلام أجاز البيع المؤجل لسائر السلع غير الربوية
10:00ولكن على أن يكون هذا البيع لسلع موجودة حقا يحصل فيها التسليم والتسلم
10:09فلا يجوز لأحد أن يبيع سلعة ليست عنده حتى ولو كان قد اشتراها ما لم يتسلمها فعلا
10:18وهو الحكم الشرعي المعروف في كتب الفقه وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنوان
10:24بيع ما ليس عنده قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تبع ما ليس عندك
10:32رواه الإمام أحمد وغيره
10:34وعن زيدن بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع
10:43حتى يحوزها التجار إلى رحالهم رواه أحمد وأبو داود وصححه بن حبان والحاكم
10:52وهذا الحكم حين يلتزم في الاقتصاد فسوف تختفي مثلا
10:57عمليات البيع الوهمية التي تباع فيها كميات خيالية لا وجود لها
11:03من المفتدون أن يكون ثم تنتقال لبرميل واحد منه بين بائع ومشتر
11:10وأيضا وبمعزل عن البرصة سوف تختفي عمليات بيع العقارات من شخص لثان ثم لثالث ورابع
11:18قبل أن ينتهي بناء تلك العقارات وقبل أن يتسلمها مشتر من بائع فعلية
11:25وهي إحدى أكبر الكوارث التي كان لها أكبر الأثر في انهيارات مالية سابقة وتعرف بأزمات الرهن العقارين
11:35هذه الصخور الهائلة الجاثمة على صدور اقتصاديات العالم اليوم
11:40كفيلة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن أحد يلقي لها بالا من قبل
11:47بأن تفتتها وتريح البشرية من وطأتها
11:52وصدق ربنا عز وجل إذ قال وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا
12:01هذا غيظ من فيض أحكام الشريعة التي تشكل ضمانة من شرور الأنظمة الوضعية التي اعتمدتها البشرية فشقيت بها
12:12نسأل الله تعالى أن يأخذ بأيدينا إلى استئناف الحياة الإسلامية
12:17وإقامة شريعته في أقرب وقت لكي نريح العالم من شرور الرئاسمالية وشياطينها وكوارثها
12:26ومن سائر شرور الباطل الذي استحكم بالبشرية في غياب دولة الإسلام
12:33السلام عليكم ورحمة الله

Recommended