قصة الفتاة - الدكتور أمجد قورشة

  • 2 months ago
Transcript
00:00لماذا هي مرتبكة؟
00:02ريم ماذا تكتبين؟
00:05زاد ارتباكها وردت لا شيء يا ماما
00:08إنها أوراق الخاصة
00:10عم تردلها إياها يعني ها
00:12ترى ما الذي تكتبه ابنة التاسعة وتخشى أن أراه
00:16طبعا خط أحمر إخواني وإخواتي
00:18البنت عمرها تسع سنوات
00:21تقول الأم ما الذي تكتبه ابنة التاسعة وتخشى أن أراه
00:25ريم أكتب رسائل إلى الله كما تفعلين يا ماما
00:29قطعت كلامها فجأة وقالت
00:34ولكن يا ماما هل يتحقق كل ما نكتبه يا ماما؟
00:38الأم طبعا يا ابنتي فإن الله يعلم كل شيء وهو قادر على كل شيء
00:43لم تسمح لريم بقراءة ما كتبت
00:47فخرجت من غرفتها واتجهت إلى زوجي المقعد
00:52راشد
00:53كي أقرأ له الجرائد كالعادة
00:55كنت أقرأ الجريدة وكنت شاردة الذهن مع صغيرتي
00:59فلاحظ راشد زوجي شرودي
01:01ظن بأنه سبب حزني
01:04فحاول إقناعي بأن أجلب له ممرضة
01:07كي تخفف علي هذا العبء
01:10يا إلهي لم أرد أن يفكر هكذا
01:13فحضنت رأسه وقبلت جبينه
01:16الذي طالما عرق وتعب من أجلي أنا وابنته ريم
01:20اليوم هو يحسبني سأحزن من أجلي ذلك
01:23أوضحت له سبب حزني وشرودي
01:26ذهبت ريم إلى المدرسة
01:28وعندما عادت كان الطبيب في البيت
01:31فهرعت إلى والدها المقعد
01:33وجلست بقربه تواسيه
01:36بمداعباتها وهمساتها الحنونة
01:40وضح لي الطبيب سؤى حالة راشد
01:44وانصرف
01:45تنسيت أن الأم النريم ما تزال طفلة
01:50ودون رحمة صارحتها أن الطبيبة أكد لي
01:54أن قلب والدها الكبير الذي يحمل لها كل هذا الحب
01:58بدأ يضعف كثيرا
02:01وأنه لن يعيش لأكثر من ثلاثة أسابيع
02:05وظلت تبكي وتردد
02:08انهارت ريم وظلت تبكي وتردد
02:11لماذا يحصل كل هذا لبابا
02:13لماذا يا أمي لماذا
02:16تقول الأم ادعي له بالشفاء يا ريم
02:19يجب أن تتحلي بالشجاعة
02:22ولا تنسي رحمة الله تعالى
02:25إنه القادر على كل شيء فأنت ابنته الوحيدة والكبيرة
02:29أنصتت ريم إلى أمها ونسيت حزنها
02:33وداست على ألمها وتشجعت وقالت
02:36لن يموت أبي
02:38عجيب
02:39في كل صباح تقبل ريم
02:42خد والدها الدافئ لكنها اليوم
02:45عندما قبلته نظرت إليه بحنان وتوسل وقالت
02:50ليتك توصلني يوما مثل صديقاتي
02:54فغمره حزن شديد فحاول إخفائه وقال
02:58إن شاء الله سيأتي يوم وأوصلك فيه
03:02يا ريم إلى المدرسة
03:04وهو واثق أن إعاقته لن تكمل فرحة ابنته الصغيرة
03:09تكمل الأم تقول
03:12أوصلت ريم إلى المدرسة
03:15وعندما عدت إلى البيت غمرني فضول لأرى الرسائل التي تكتبها ريم
03:20إلى الله
03:22بحثت في مكتبها لم أجد شيئا
03:24بعد بحث طويل لا جدوى ترى أين هي
03:27هل تمزقها بعد كتابتها
03:29ربما يكون هنا أو هناك
03:31لطالما أحبت ريم هذا الصندوق طلبته مني مرارا
03:35فأفرغت ما فيه وعطيتها الصندوق
03:37تقول الأم يا إلهي إنه يحوي رسائل كثيرة
03:41وكلها رسائل إلى الله
03:45انظر ماذا كانت تكتب هذه الطفلة
03:47يا رب يا رب يموت كلب جاردنا سعيد لأنه بخوفني
03:52يا رب قطتنا طولت قطة كثيرة
03:55لتعوض عن قطتها اللي ماتت
03:57يا رب ينجح ابن خالتي لأني بحبه
04:00يا رب تكبر أزهار بيتنا بسرعة
04:02لأقطفها كل يوم زهرة
04:04وأعطيها لمعلمتي
04:08والكثير من الرسائل الأخرى وكلها بريئة
04:11تكمل الأم من أطرف الرسائل التي قرأتها
04:14تلك التي تقول فيها توجه رسائل إلى الله وتقول فيها
04:18يا رب يا رب تكبر عقل خدامتنا لأنها أرهقت أمي
04:24يا إلهي كل الرسائل مستجابة
04:27لقد مات كلب جارنا منذ أكثر من أسبوع
04:31قطتنا أصبح لديها صغار
04:34نجح أحمد بالتفوق
04:36كبرت الأزهار
04:37ريم تأخذ كل يوم زهرة إلى معلمتها
04:41تكمل الأم تقول
04:43يا إلهي لماذا لم تدعو ريم ليشفى وليشفي الله والدها
04:52كي يرتاح من عاهته
04:54شردت كثيراً
04:56ليتها تدعو له
04:57ولم يقطع هذا الشرود إلا
04:59رنين الهاتف المزعج
05:02ردت الخادمة ونادتني بسرعة
05:04سيدتي سيدتي المدرسة
05:07المدرسة ما بها ريم
05:08هل فعلت شيئاً
05:10أخبرتني أن ريم
05:13وقعت من الدور الرابع
05:16وهي في طريقها إلى منزل معلمتها الغائبة
05:21لتعطيها الزهرة
05:23وهي تطل من الشرفة
05:25وقعت الزهرة
05:27فلحقت بها ريم
05:28أرادت إرجاعها
05:30فوقعت ريم وماتت
05:33كانت الصدمة قوية جداً
05:36لم أتحملها أنا ولا راشد
05:39ومن شدة صدمته
05:41أصابه شلل في لسانه
05:44فمن يومها لا يستطيع الكلام
05:47لماذا ماتت ريم؟
05:49لا أستطيع استيعاب فكرة وفاة ابنة الحبيبة
05:52تكمل الأم
05:53كنت أخدع نفسي
05:56كل يوم بالذهب إلى مدرستها
05:58كأني أوصلها
05:59كنت أفعل كل شيء صغيرة كانت تحبه
06:02كل زاوية في البيت تذكرني بها
06:06أتذكر رنين ضحكاتها
06:08التي كانت تملأ علينا البيت في الحياة
06:10مرت سنوات على وفاتها وكأنه اليوم
06:15في صباح يوم الجمعة أتت الخادمة وهي فزعة
06:19وتقول أنها سمعت صوتاً صادراً من غرفة ريم
06:24يا إلهي هل يعقل أن ريم عادت؟
06:27هذا جنون
06:28أنت تتخيلين تقول الخادمة
06:31لم تطأ قدم هذه الغرفة منذ أن ماتت ريم
06:35أصر راشد على أن أذهب وأرى ماذا هناك
06:39وضعت المفتاحة في الباب وانقبض قلبي
06:43فتحت البابة فلم أتمالك نفسي
06:46جلست أبكي وأبكي ورميت نفسي على سريرها
06:50إنه يهتز
06:52آه تذكرت
06:54قالت لي مراراً إنه يهتز ويصدر صوتاً عندما تتحرك
06:58ونسيت أن أجلب النجار هيصلحه لها
07:02ولكن لا فائدة الآن
07:05لكن ما الذي أصدر الصوت؟
07:07يا ترى أخي أخت الكريمة
07:09ما الذي أصدر الصوت؟
07:11نعم إنه صوت وقوع اللوحة التي زينت بآيات الكرسي
07:17التي كانت تحرص ريم على قراءتها كل يوم حتى حفظتها
07:22وحين رفعتها كي أعلقها
07:25وجدت ورقة بحجم البرواز وضعت خلفها
07:31يا إلهي إنها إحدى الرسائل
07:35يا ترى ما الذي كان مكتوباً في هذه الرسالة بالذات؟
07:41ولماذا وضعتها ريم خلف الآية الكريمة؟
07:46انظر أخي الكريم أخت الكريمة
07:48هذه الرسالة منذ عدة سنوات لم تجدها الأم
07:51ريم قد توفيت منذ عدة سنوات
07:53هذه الرسالة خبأتها خلف اللوحة
07:56إنها إحدى الرسائل التي كانت تكتبها ريم إلى الله
08:01وكان مكتوباً فيها بن قسيم
08:04يا رب يا رب أموت أنا ويعيش بابا
08:18إذن أحبتي في الله أحد الدعاء علق على هذه القصة يقول
08:22هذه القصة قرأتها قبل حوالي سنتين وأقسم بالله العظيم
08:28لا أتملك دموعي عند قراءتها
08:30ووالله أكتب هذا التعليق ودموعي تسيل
08:34يقول هذا الدعية إنهم أصحاب القلوب الكبيرة
08:38يموتون ليحيا غيرهم
08:41فهل نقدر هؤلاء؟
08:44هل تعلمون جميعاً أن هناك من يحترق ليحيا الناس
08:47ومن يموت لتحيا الأمة؟ نعم
08:50إمامهم صلى الله عليه وسلم
08:53عزاه ربه وسله بقوله
08:56لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين
09:02أي لعلك تقتل نفسك من الحزن والهم بسبب عدم إيمانهم
09:08ولكن من هؤلاء من يقضي نحبه فيكافئه الله بالحياة الدائمة
09:14أحبتي في الله كما قلنا محطات هي محطات نقف عندها
09:19هذه قصة من الواقع الحديث
09:22رأينا فيه ابنة التسع السنوات
09:25كيف أنها وصلت إلى مرحلة في علاقتها مع الله
09:29ذكرتني أنا شخصياً بقول النبي صلى الله عليه وسلم
09:33رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره
09:38يا ترى كيف وصلت ابنة التسع السنوات إلى مرحلة
09:43أنها تقسم على الله بلغتها الوسيطة
09:46يا رب يا رب أموت أنا ويعيش بابا
09:50فاستجاب الله لها
09:52هناك دروس لا بد من أن نطلع عليها فابقوا معنا
10:06إذن أحبتي في الله ما هي الدروس الممكن أن نستفيدها
10:09أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا في هذه الدقائق
10:12واحدة من الدروس المهمة جداً
10:14موضوع البيئة التربوية وماذا يمكن أن تنتج
10:18تتخيلوا لاحظوا أمها ما قالت
10:20قالت ابنة نيب كانت معتادة على قراءة آية الكرسي
10:24كانت معتادة على أن تكرم معلمتها
10:26كانت معتادة على أن تحترم أباها تقبله إلى خير
10:29فلنحكي عن بيئة
10:30قطعاً هذه البنت لم تكن بعيدة عنكم جميعاً مرباية بالشارع
10:34قطعاً هذه البنت لم تكن من النوع الذي طول وقتها
10:38الله يحفظنا عم تتطلع على الأفلام الفارطة والأفلام الخليعة
10:42وإلا لا يمكن مثل هذه الفتاة أن تصل إلى مرحلة تستوعب معنى القرب من الله
10:50معنى الدعاء إلى الله
10:51لاحظوا أمها كانت القدوة الأولى أنها تكتب رسائل إلى الله
10:55عم تكتب رسائل عم بتبثهمها
10:57إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله
11:00صورة من صور بث الشكوى والحزن لهذه الأم أنها كانت تكتب رسائل
11:04يا رب تسامحني يا رب تغفر لي
11:06يا رب تعيني يا الله
11:08تبث شكواها بدل أن يكون عبر اللسان كان عبر القلم والورقة
11:14فانظر هذه الفتاة الصغيرة الطفلة الصغيرة تعلمت درس أورأة مشهداً من أمها
11:20ماما معلش أحكي معاكي لا حبيبتي أنا مشغولة
11:23بإيش بتعملي بكتب رسائل إلى الله
11:25فقط قدوة عمالية فاقدوا الشيء لا يعطيه
11:29فإن أحببنا أن يصل بعض أبنائنا وبعض بناتي إلى مرحلة يكون من من لو أقسم على الله لأبره
11:35فلنكن نحن أمامهم قدوات
11:38هذه رسالة
11:39رسالة أخرى إخواني وأخواتي
11:41هذه تعلمها رسالة أعظم من الأولى
11:44موضوع العمر ليس مقياساً على كثرة أو شدة القرب من الله أو البعد عنه
11:51يعني هذه الفتاة ذات التسع سنوات تخيلوا بالله عليكم
11:54إحنا بلغتنا بنقول طفلة أو بنقول عنه ولد صغير
11:57بيلعب قلول ولا بيلعب بالدراجة في الشارع
12:00هذا بيفهم إيش في الدنيا
12:03نستصغيره نستتفيهه لا نعطيه قيمة
12:06لكن على أرض الواقع هذه وصلت لمرحلة الخطوط بينها وبين الله أن الله قد استجاب لها
12:12طب بعد ذلك يعني ماذا تريد أكثر من ذلك
12:14إن شاء الله تكون هي من أهل الجنة
12:16وأنظر كيف يعني وصلت لمرحلة من الرقي الأخلاقي في علاقتها مع الله
12:22طلبت من الله أن يريحها هي وتذهب إليه مقابل أن يعيش أبوها
12:28تخيل هذا المعنى
12:30تذكرت عمرو الخطاب رضي الله عنه
12:32نحن نسمع باسم عمرو الخطاب ونعرف أنه صخر في هذا الدين الإسلامي
12:37عمرو الخطاب لو تؤلف عنه مجلدات لن تعطيه حقه
12:42عمرو الخطاب حسب الروايات التي أعرفها من السيرة حينما أسلمه
12:46وسماه النبي صلى الله عليه وسلم الفاروق وفرق الله به بين الحق والباطل
12:51كان عمره 26 سنة 26 سنة ونصف 27 سنة
12:55الآن بلغتنا في كثير من البلدان العربية 25-26 سنة
12:59جل اهتمامه وغالب اهتمامه بعيد عنكم جميعا يفحط في السيارة
13:04يشحط في السيارة يلاحق البنات على مدارس البنات
13:07آخر موضة آخر فريق كرة قدم آخر رنت موبايل آخر ستايل
13:12آخر كوكو وسوسو وجل ومارينس وبنطلون ساحل وساقي وباقي وماقي وقصص هاي كلاتها
13:18كثير من هؤلاء للأسف يرمونا على الشوارع والطلقات
13:22همهم الأول والأكبر غمزة لفتاة نظرة عين من أخرى
13:27عمر الخطاب حينما أسلم سماه الفاروق فرق الله بين حق وبين الباطل
13:31لم يكن قد وصل الثلاثين إذن موضوع العمر لا تدع للشيطان فرجة على نفسك
13:36والله ساتنا صغير نشوف الدنيا وابني ايش بيطلع بيده
13:39إياك أن تنظر هذه النظرة والدرس الأخير الذي نختم به من قصة ريم
13:46ريم البطلة هو إياك أن تيأس من رحمة الله
13:51لا تدري كيف تصلك رحمة الله متى وعلى يد من وعبر من حبة في الله
13:59أسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون محطة ريم
14:03محطة تدفعنا للعبرة والاعتبار
14:07سأل المولى عز وجل أن يبارك لي ولكم في هذا الإسلام العظيم
14:12وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل
14:15إنه سميع قريب مجيب ولا تنسونا من صالحي
14:20دعائكم حتى نلقاكم في حلقة قادمة
14:24هذه تحية مني أنا محدثكم أمجد قرشة
14:27سلام عليكم ورحمة من الله وبركاته

Recommended