بيعة غيرت وجه التاريخ
خطبة الجمعة للأستاذ أحمد القصص
الجمعة ٢٢ ذو الحجة ١٤٤٥ هـ الموافق ٢٨ حزيران ٢٠٢٤م
خطبة الجمعة للأستاذ أحمد القصص
الجمعة ٢٢ ذو الحجة ١٤٤٥ هـ الموافق ٢٨ حزيران ٢٠٢٤م
Category
🦄
CreativityTranscript
00:00أَرَأَيْتُمْ كَيْفَ تَبَدَّلَتْ تَارِيخُ وَتَبَدَّلَ الْمَشْهَدُ بَيْنَ لَحْظَةٍ وَأُخْرَى
00:08منذ أيامٍ يكون النبيُّ صلى الله عليه وسلم وصحبُه في مكة يُنكَّلُ بهم في مكة
00:15ويتسلَّلون تسلُّل القطى ويحذَرون أذى قريش
00:20وبعد أيامٍ تكون للإسلام دولةٌ سوف تتوسَّع في سنواتٍ قليلة
00:28لتستأصل شعفة الشرك من جزيرة العرب
00:32لتشتهى خضراء المشركين وتحوِّل جزيرة العرب إلى جزيرة الإسلام
00:38وليخرُج شُعاع النور من جزيرة العرب إلى سائر الأرض
00:43وليبلُغ الإسلام بعد ذلك في سنواتٍ في عقودٍ قليلة في عقود
00:50ليبلُغ شرقاً تُخوم الصين والهند وغرباً المحيط الأطلسي
00:55من كان في ذلك الزمان قبل أن يصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مدينة الإسلام
01:03إلى المدينة المُنورة
01:04من كان ليخطر في باله أن الجزيرة العربية
01:10سوف يتبدَّل وجهها في لحظةٍ من التاريخ في سنواتٍ قليلة
01:15لتتحوَّل عن شركٍ عمره آلاف السنين إلى جزيرة إسلامٍ
01:22وعبادةٍ لله وحياةٍ تُرفعُ فيها كلمةُ الله لتكون العُلية
01:29وطريقة عيشٍ لم يعرفها المُشركون من قبل
01:32بل لم تعرفها البشرية منذ آلاف السنين منذ زمن الإنبياء الذين مُبكِنوا في الأرض
01:40قد خلَت من قبلكم سُننٌ فسيروا في الأرض فانظُروا كيف كان عاقبةُ المُكذِّبين
01:49هذا بيانٌ للناس وهُدًى وموعِظةٌ للمُتَّقين
01:55ولا تهِنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين
02:02إن يمسَسكم قرقٌ فقد مسَّ القوم قرقٌ مثله
02:07وتلك الأيام نُداوِلُها بين الناس
02:12وليعلم الله الذين آمنوا ويتَّخِذ منكم شُهَداء
02:18والله لا يحبُّ الظالمين
02:21وليُمحِّص الله الذين آمنوا ويمحَق الكافرين
02:29في هذه الأيام التي اشتدَّ فيها استضعاف المؤمنين
02:37كثُر استضعاف المؤمنين في كل مكانٍ في الأرض وأقرب
02:43هذا الاستضعاف إلينا ما يجري منذ شهورٍ في غزة الأبطال
02:52حيث يُقتل المؤمنون بعشرات الآلاف
03:00ويُشرَّدون وتُدمَّر بيوتهم
03:04وما من مُجيبٍ لاستِغافاتهم
03:07وما من مُقِذٍ وما من أحدٍ يُلبِّس تصراخهم
03:16الأمة تتوقُّ لأسرَتهم ولكنها مُكَبَّلة
03:20ومن قبل غزة مجازر ومجازر
03:25تنكيرٌ بالمؤمنين في كل مكان
03:28في فلسطين وسوريا والعراق
03:32وفي أفغانستان وفي كشمير وفي الشيشان
03:37وفي الصين في تركستان الشرقية
03:40ويصب علينا أن نُعدِّد حالات الاستضعاف
03:46التي عاشتها الأمة منذ عشرات السنين
03:50ولسيما بعد أن سقطت دولتها
03:54وغاب الراعي وغاب الإمام
03:57الذي هو جُنَّة أي وقايةٌ للمؤمنين
04:04ولكنني لا أريد هنا أن أُعدِّد النكبات
04:09وأن أزيد الأساء أساً والحُزن حُزناً
04:12وإنما أريد أن أعود وإياكم
04:17إلى أصعب حالات الاستضعاف
04:19التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم
04:23في أواخر العهد المكي
04:27في أواخر عهده
04:29وهو يحمل الدعوة إلى الناس في مكة
04:33وكيف انطلبت أحواله من الاستضعاف الشديد
04:37له وللمؤمنين معه
04:40من أهل مكة المؤمنين
04:42كيف انطلبت الأحوال
04:45من حالة الاستضعاف إلى حالة التمكين في الأرض
04:50في لحظة وفي طرفة عين من عمر التاريخ
04:56ونحن في هذه الأيام تحديداً
05:00نعيش ذكرى تلك المرحلة الانتقالية
05:05نعيش ذكرى تلك المرحلة الانتقالية
05:09الناس سيحتفلون بعد حوالي أسبوع أو أكثر
05:16برأس السنة الهجرية
05:18ويقولون إنها ذكرى الهجرة
05:22والحقيقة أن الهجرة ليست في رأس السنة الهجرية
05:28كما يعرف من اطلع على السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي
05:33وإنما كانت هذه المرحلة مرحلة انتقال
05:40امتدت من موسم الحج الذي لازلنا نعيش شهره المبارك
05:47امتدت هذه المرحلة المرحلة الانتقالية
05:51من موسم الحج وبالتحديد من أيام التشريق
05:58إلى الثاني عشر من ربيع الأول من السلة التالية
06:03فهي بضعة أشهر
06:06ما الذي حصل في هذه الشهور المباركة منذ ألف واربعين وخمسة واربعين عاماً
06:18بعد أن اصطعف النبي صلى الله عليه وسلم مدة ثلاثة عشر عاماً في مكة
06:26ظهرت بشارات اعتناق الإسلام
06:33وبشارات وجود أول دار للإسلام خارج مكة
06:38كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمل في أن تكون مكة البلد الحرام
06:45حيث المسجد الحرام كان يأمل أن تكون مكة نقطة ارتكاز لدار الإسلام التي أُمر بإقامتها
06:54والتي كان يسعى إليها
06:57ولكن الأمور جرت عكس ما كان يأمل
07:03وكانت حكمة الله سبحانه وتعالى أن تكون أو أن تتشرف المدينة
07:09التي كانت تُسمى بيَثْرِب
07:13أن تُشرف بأن تكون نقطة ارتكاز دار الإسلام الدولة الإسلامية الأولى
07:21ذلك بأن رهطًا منها أتوا النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة للبعثة
07:32رهطٌ من الخزرج
07:34الذين هم إحدى أهم قبيلتين في المدينة
07:38استمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فشرحت قلوبهم للإسلام
07:45وعادوا بعد موسم الحج إلى أهلهم في المدينة
07:49يحملون إليهم نور الهدى الذي تلقَّوه من نبي الهدى صلى الله عليه وسلم
07:58فبدأ الناس في المدينة يدخلون في الإسلام على أيدي هؤلاء الرهط
08:04ثم يدور عامٌ ويعود هؤلاء وأكثر منهم إلى موسم الحج التالي
08:11ويخبرونه صلى الله عليه وسلم أنهم تركوا وراءهم في المدينة أناسًا كثيرين اعتنقوا الإسلام
08:20فيرسل معهم سفير الدعوة الإسلامية مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه
08:26من أجل أن يحمل الدعوة إلى الإسلام في المدينة
08:30وعلى يديه يؤمن زعماء الأوس والخزرج ويكون ذلك الفتحة المبين للدعوة الإسلامية في المدينة
08:41ويمكث سنة ويأتي عام الحج ويأتي موسم الحج الذي يليه
08:46وهنا في هذا الموسم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج
08:55ويزيد على سبعين من المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام
09:01ويتواعدوا معهم سراً في موسم لا زال تحت سيطرة المشركين في الحج
09:09في موسم ما زالت تُعبد فيه الأصنام وما زالت تملأ الكعبة وتحيط بالكعبة وتعل الكعبة
09:17أصنام المشركين التي يأتي العرب إليها من أسقاع جزيرة العرب
09:23من أجل أن يؤد إليها العبادة والولاء والمشاعر والطقوس
09:31يأتي هؤلاء السبعون ضمن وفد كبير من أهل المدينة من من لم يعتنقوا الإسلام
09:38وكانوا يخفون إسلامهم عن قومهم بل أخفوا عنهم في موسم الحج
09:46ذلك الموعد التاريخي عظيم الذي سيغير وجه التاريخ بأكمله
09:54في أوسط أيام التشريط أيام رمي الجمرات في ميناء في تلك الأيام
10:03بعد مرور ثلث الليل يكون هؤلاء المسلمون طلائع المسلمين من الأنصار من المدينة
10:11قد تواعدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سراً في ميناء
10:19وينسحبون من منازل قومهم المشركين من أهل المدينة دون أن يُحِسَّ بهم أحد
10:27ودون أن تُحِسَّ بهم قريش من أجل أن يلتقوا سراً برسول الله صلى الله عليه وسلم
10:34خوف بطش قريش والمشركين من أنحاء جزيرة العرب كلها الذين اجتمعوا في موسم الحج
10:42يتسللون تسلل القطر
10:46كانت أبرز مظاهر الاستضعاف أنهم لم يلتقوا بنبي الله صلى الله عليه وسلم إلا سراً
10:56ولكن في هذا اللقاء السري في هذا اللقاء التاريخي
11:01تُعقد أول بيعة للحكم وأول بيعة على إقامة دار للإسلام في تاريخ الإسلام
11:10هناك يُعطون العهود والمواثيق لرسول الله صلى الله عليه وسلم
11:17ويُعطيهم العهود والمواثيق يُبايعونه على السمع والطاعة في اليسر والعصر
11:24في المنشط والمكرة وعلى أثارة منهم
11:27وأن لا يُنازعوا الأمر أهله يُبايعونه بيعة الحرب كما سماها بعض الصحابة آل ذات
11:35بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة الأبيض الأحمر والأسود من الناس
11:42بايعوه على أن يمنعوه أن يحرسوه ويحموه مما يمنعون منه أنفسهم ونساءهم وأولادهم
11:51يحملون السلاح دونه ودفاعا عنه وعن أصحابه وعن المهاجرين وعن الإسلام دين الله تعالى
12:01أخذوا منه المواثيق وأخذ منهم المواثيق
12:05يا رسول الله أترى إن نصرك الله تعالى أترى إن نصرناك وأويناك
12:12ونصرك الله على قومك أكنت تاريخنا أكنت تاريخنا لتعود إلى قومك
12:19قال بل أنا منكم وأنتم مني أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم
12:27بل الدم الدم والهدم الهدم
12:31كانت تعاقدا لقيام أمة ذات دار ذات شوكة ذات دولة تنتقل فيها الدعوة الإسلامية
12:41من نحرة الخطاب باللسان والحجة ومن مرحلة الاستضعاف إلى مرحلة الدعوة التي تستند إلى دولة ومجاهدين وأرض وقرار واستقلال ومجتمع له قراره
13:00عقدت البيعة فإذا بأهل منا الحجاج المشركين والمسلمين
13:10إذا بأهل منا يسمعون صرخة لم يسمعوا لها مثيلا من قبل فوجئوا
13:16فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم إن هذه الصرخة هي صرخة شيطان العقبة
13:24الذي تأوها وتألم ألما لم يعرفه من قبل
13:29لماذا؟ لماذا صرخة الألم هذه من شيطان العقبة؟
13:35بينما لا يزال المؤمنون في حالة الاستضعاف متخفين يتسللون يحذرون أذى قريش وبطشها وبطش العرب
13:45عرب الجاهرية
13:47بماذا صرخت شيطان هذه الصرخة؟
13:50فقال
13:52يا أهل الجباجب أدركوا محمداً وصحبة
13:57أدركوا محمداً والصباة الذين صبأوا عند إلكم
14:02قد دايعوا محمداً على الإسلام
14:06أدرك شيطان العقبة خطورة هذا العقد بين أهل المدينة وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم
14:17وأن الإسلام لم يعد ليس بعد اليوم دعوةً مستضعفة
14:24تكاللها الضربات وينكل بأهلها ويعذبون ويقتلون ويشردون في الأرض
14:31إنها الساعة التي تغير وجه التاريخ
14:36بأن أصبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته دارٌ ودولةٌ
14:43حيث سينتقل إلى المدينة وهناك ستنزل آيات التشريع
14:49لأنه نشأ مجتمعٌ جديد
14:56يحيى حياةً إسلامية يطبِّق شرائع الإسلام
15:01ينسلخُن سلاخًا تامًا عن حياة الجاهلية
15:06عن حضارة الجاهلية عن طريقة العيش الجاهلية
15:10عن أعراف الجاهلية بعد أن انسلخ المسلمون عن عقائد الجاهلية
15:17وبعد أن قدموا ولاءهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم
15:22ونصر الإسلام ونصر النبي والمهاجرين
15:27فشرفهم الله سبحانه وتعالى بأن سماهم بالأنصار
15:32وكم ورد ذكرهم في كتاب الله تعالى بالأنصار
15:38هنا آن الأوان لينتقل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المكيون
15:47القلة التي آمنت معهم في مكة
15:51والتي كابدت وكافحت وعانت ما عانت من أذى قومها وأهلها
15:57آن الأوان لكي تُهاجر إلى دارٍ ستكون دار الإسلام
16:03بمجرد وصول النبي صلى الله عليه وسلم إليها
16:08وبدأ المسلمون يخرجون أرسالًا أفرادًا وجماعاتٍ صغيرة بالسر جماعةً تلو الأخرى
16:19وبقي النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر
16:24وابن عمه علي رضي الله تعالى عنهما
16:28بقوا آخر الناس ليكونوا آخر المهاجرين
16:31بعد أن يطمئنوا إلى خروج صحابة المكيين جميعًا إلى المدينة
16:38وبعد ذلك فطن المشركون إلى خطورة ما يجري
16:43فراه يتآمرون على النبي صلى الله عليه وسلم
16:47أيقتلونه أم يثبتونه أم يخرجونه
16:53وكان القرار أن يقتلوه لأنه إذا خرج
16:58فسوف يصل إلى المدينة ليقود دولةً تغير وجه التاريخ
17:02وتؤلب العرب على القريش
17:05ولكن يمكرون ويمكر الله
17:08والله خير الماكرين
17:12كانت الشهور التي أتت بعد ذلك كما ذكرت تلك الشهور التي تشكل المرحلة الانتقالية
17:20ما بين تاريخ مضى وتاريخ جديد يغير وجه التاريخ
17:25ويبدأ بشيء اسمه تاريخ الإسلام
17:31يخرج النبي صلى الله عليه وسلم بصحبة صاحبه وصديقه أبي بكر رضي الله عنه
17:40وهو في خروجه حذر يحاول أن يتوه قريشاً وأن يضللها في الطريق
17:48يأخذ بالأسباب
17:51وفي الحسابات الأرضية والحسابات المادية
17:55لم يكن بين أن تقوم دولة الإسلام في المدينة
18:01وبين أن يُقدَل مقيم هذه الدولة رسول الله صلى الله عليه وسلم
18:06لم تكن في حالة من الحالات في لحظة من اللحظات
18:10لم تكن سوى أن ينظر هؤلاء المشركون إلى موضع أقدامهم
18:18ليروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه في الغار
18:22ولكن إرادة الله قد مضت وقضاءه قد مضى
18:27أن هذه الثلثة من المؤمنين قد استحقت النصر
18:31فلا تقف العوائق المادية ولا تقف العوائق الظرفية في وجه هذه الدعوة
18:40فقد استحق هؤلاء النصر بما آمنوا وعملوا الصالحات
18:45وبما أخذوا به من أسباب التمكين والعزة في الأرض
18:51فيصل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ويدخلها في الثاني عشر من ربيع الأول
19:02وليس كما يظن كثير من الناس أن الهجرة كانت في أول محرم
19:09ليس الأمر كذلك ولكن كيف صار أول محرم بداية للعام الهجري الإسلامي
19:19لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم في حياته قد أنشأ للمسلمين تقويماً إسلامياً جديداً
19:28رزنامةً إسلامية هذا لم يحصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
19:33ولا في زمن خليفته أبي بكر رضي الله تعالى عنه
19:37وإنما في زمن خليفة خليفته أمير المؤمنين عمر بن الخطار رضي الله تعالى عنه
19:45فبعد سنوات فقط من قيان دولة الإسلام في المدينة
19:52وبعد عشر سنين قضاها النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة يحمل الإسلام إلى العرب
20:00ودخلت جزيرة العرب كلها في سلطانه قبل أن يتوفى
20:05وبعد أن تابع خليفته أبو بكر رضي الله عنه مسيرة الإسلام والدعوة إلى الإسلام
20:13وقضى على حركة الردة وأخرج الفتوح إلى بلاد الشام وفارس والعراق
20:20وبعد أن تابع بعد ذلك عمر بن الخطار رضي الله تعالى عنه مسيرة حمل الإسلام رسالة إلى العالم
20:28يستقر الإسلام في الشام وفي العراق وفي فارس وتصبح الدولة الإسلامية دولة مطرامية الأطراف
20:39هنا يفطن عمر بن الخطار رضي الله تعالى عنه لضرورة أن يكون للدولة الإسلامية للأمة الإسلامية تقويم خاص بها
20:51أن لا يؤرخ المسلمون معاملاتهم ورسائلهم ورسومهم بتاريخ الكفار لا بتاريخ الفرس
21:02ولا بتاريخ الروم البيزنطيين ولا بتاريخ اليهود
21:06وإنما لابد للمسلمين أن يكون لهم تاريخهم
21:10فجمع كبار الصحابة وأخبرهم أنه بصدد إنشاء تقويم أي تعداد لسني الإسلام
21:20ولكنه أراد أن يشير عليه ما السنة التي تقترحونها لتكون أول سنة لتاريخ الإسلام
21:30وانظروا الآن إلى عبقرية هؤلاء الصحابة العظماء
21:35الذين هم من تربوا في حضن النبوة خاتم النبي صلى الله عليه وسلم
21:46اقترح بعضهم أن يبدأ تاريخ الإسلام بعام ولادة النبي صلى الله عليه وسلم
21:53كما أن تاريخ النصارى ابتدأوه بمولد المسيح عليه الصلاة والسلام
21:59واقترح بعضهم أن يكون التاريخ الإسلامي بدءًا من سنة البعثة
22:05أي السنة التي نزل فيها الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم
22:10واقترح آخرون وكان هذا القرار أن أفضل سنة تستحق أن تكون بداية تاريخ الإسلام
22:19السنة التي انتصر فيها الإسلام وقامت دولته
22:26فقالوا لعمر عام الهجرة
22:30العام الذي فرق الله تعالى فيه بين الحق والباطل
22:35فعام الهجرة ليس عام رحلة قام بها رجل وإن كان خير الناس وخاتم الأنبياء
22:43ليس هروبًا من أذى قريش
22:46ليس فرارًا مما تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم
22:51الهجرة ليست رحلةً سياحية
22:54وليست فرارًا من قريش
22:56وليست فرارًا من حمل الدعوة في مكة
22:59الهجرة كانت انتقالًا من دار الكفر إلى دار بوصول النبي صلى الله عليه وسلم
23:06ستكون أول دار للإسلام
23:10أول دولة للإسلام
23:12فكان هؤلاء العباقرة من أعظم سياسي الدنيا والتاريخ
23:20وقال عمر نعم هذا هو الحق
23:24إنه العام الذي فرط الله فيه بين الحق والباطل
23:28فكان العام الذي هاجر به النبي صلى الله عليه وسلم
23:32إلى المدينة لإقامة دولة الإسلام فيها بناءً على بيعة العقبة الثانية
23:39كان هذا العام الذي بدأت فيه التاريخ الإسلامي
23:44ولازلنا حتى اليوم نقول نحن في عام كذا لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم
23:51أي نحن في عام كذا للسنة التي قامت فيها دولة الإسلام
23:57وتغير فيها وجه التاريخ
23:59إذ أصبحت لحضارة الإسلام أرضٌ ومجتمع وحياةٌ ودولةٌ وتشريعٌ وطريقةٌ في العيش
24:09أرأيتم كيف تبدل التاريخ وتبدل المشهد بين لحظةٍ واخرى
24:17منذ أيامٍ يكون النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه في مكة يُنكل بهم في مكة
24:24ويتسللون تسلل القطى ويحضرون أذى قريش
24:29وبعد أيامٍ تكون للإسلام دولةٌ سوف تتوسع في سنواتٍ قليلة
24:36لتستأصل شعفة الشرك من جزيرة العرب
24:41لتشتاها خضراء المشركين وتحول جزيرة العرب إلى جزيرة الإسلام
24:46وليخرج شعاع النور من جزيرة العرب إلى سائر الأرض
24:51وليبلغ الإسلام بعد ذلك في سنواتٍ في عقودٍ قليلة في عقود
24:58ليبلغ شرقاً تخوم الصين والهند وغرباً المحيط الأطلسي
25:03من كان في ذلك الزمان قبل أن يصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مدينة الإسلام
25:11إلى المدينة المنورة من كان اليخضر في باله
25:16أن الجزيرة العربية سوف يتبدل وجهها في لحظةٍ من التاريخ في سنواتٍ قليلة
25:23لتتحول عن شركٍ عمره آلاف السنين إلى جزيرة إسلام
25:30وعبادةٍ لله وحياةٍ ترفع فيها كلمة الله لتكون العليا
25:37وطريقة عيشٍ لم يعرفها المشركون من قبل
25:41بل لم تعرفها البشرية منذ آلاف السنين منذ زمن الإنبياء الذين مكنوا في الأرض
25:48لذلك أيها الإخوة إن كنا نرى أننا في حالة استضعاف فهذا مؤلم وهذا محزن
25:56بل طالما كثيرٌ منا بكى وذرق الدموع على ما يشاهد من مشاهد في غزة
26:03ومن قبلها في سوريا ومن قبلها في أنكينةٍ أخرى
26:07ولكن هذا لا يعني بثاثاً أن نغرق في اليأس والقنوط
26:12وأن نقول أنا لأمة الإسلام أن تنتصر
26:17فما عند الله ليس عند بشر
26:20وهذه الأمة مكتوب فيها الخير إلى يوم القيامة
26:24تكبوا ثم تنهض
26:26تكبوا وتنهدر ثم تقف على أقدامها من أجل أن تقارع العالم كله
26:33والتاريخ خير شاهداً على ذلك
26:36قد تكون هذه المآسي التي نعيش فيها هي الحلقة الظالمة
26:40الحلقة المظلمة
26:42حلقة الظلام التي سيبزغ بعدها فجر الإسلام
26:48فجر الإيمان
26:50فجر دار الإسلام
26:52والله سبحانه وتعالى هو الذي قال
26:54إن تنصر الله ينصركم ويثبت أقدامكم
26:59الأمة مكبلة
27:00لذلك لم تستطع عن تنصر إخوانها
27:03الأمة مسجونة داخل سجون تسمى الحدود السياسية
27:09الأمة مكبوتة لأن حكامها هم أقرب الناس لكيان يهود
27:16وأكثر الناس مصرة له
27:20ولكن في لحظة من لحظات
27:22لابد للقيد هذا أن ينكسر
27:25ولابد للأمة أن تنهض على أقدامها
27:29من أجل أن تعلي راية الإسلام
27:32وتعيد كلمة الله العليا في الأرض
27:34وتجعل كلمة الذين كفروا السفلى
27:38والله سبحانه وتعالى هو القدير والقادر
27:42على أن ينصر عباده
27:44ما داموا قد استحقوا النصر والتمكين في الأرض
27:49وعد الله الذين آملوا منكم
27:51وعملوا الصالحات
27:53لا يستخلفنهم في الأرض
27:55كما استخلف الذين من قبلهم
27:57ولا يمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم
28:00ولا يبدننهم من بعد خوفهم
28:02أما يعبدونني لا يشركون بي شيئا
28:06ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون
28:10أقول قولي هذا وأستغفر الله بولدي