من طيبات أبي الطيب: أروح وقد ختمت على فؤادي

  • 11 years ago
رائعة من روائع المتنبي، آخر قصائده، وفيها كلام يجرى على لسانه، كأنه ينعى فيه (نفسه)، وإن كان لم يقصد ذلك، فيقول: أروح عنك وقد ختمت على قلبي بحبك واستخلصته لنفسك بما ترادف علي من برك فلم يدع حبك فيه لغيرك مكاناً ينزل بساحته، ولو قدرت لغمضت عيني ولم أرفع بصري إلى أحد بالنظر إليه حتى أعود إليك، وكيف أصبر عنك وقد كفاني ما جدت به علي ولم يكفك ذلك فتأبى إلا أن تعطيني فوق ما أعطيتني وأنا غير مستزيد، فكيف والحال هذه أصبر عنك ولا أسرع العود إليك.

يقول فيها:
أرُوحُ وَقد خَتَمتَ على فُؤادي بحُبّكَ أنْ يحِلّ بهِ سِوَاكَا
أُحاذِرُ أن يَشُقّ عَلى المَطَايَا فَلا تَمْشِي بِنَا إلاّ سِواكَا
فلوْ أنّي استَطَعتُ خفَضْتُ طرْفي فَلَمْ أُبْصِرْ به حتى أرَاكَا
وَكَيفَ الصّبرُ عَنكَ وَقد كَفَاني نَداكَ المُسْتَفيضُ وَما كَفَاكَا
إذا التّوْديعُ أعرَضَ قالَ قَلبي عليكَ الصّمتَ لا صاحَبتَ فاكَا
إذا اشْتَبَهَتْ دُموعٌ في خُدودٍ تَبَيّنَ مَنْ بَكَى مِمّنْ تَباكَى
وَمَنْ أعتَاضُ منكَ إذا افْتَرَقْنَا وَكلُّ النّاسِ زُورٌ ما خَلاكَا
وَمَا أنَا غَيرُ سَهْمٍ في هَوَاءٍ يَعُودُ وَلم يَجِدْ فِيهِ امتِساكَا

بصوت: د.علي بن تميم
مونتاج: نجيب زيتوني